الخميس، ٣ سبتمبر ٢٠٠٩

إلهامات قرآنية .. وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ بقلم جمال البنا

أشك فى أن المسلمين يقرأون القرآن، بل أقطع أن كبارهم على الأقل لا يقرأونه.. ولو كانوا يقرأونه لقرأوا بالطبع آيات عديدة قارعة تندد بالتنازع، وتدين التفرق، وتوضح للمسلمين أن التنازع والتفرق هو السبيل للفشل، ولأن تذهب ريحهم، فلا تحرك ساكناً.
إنها لمفارقة مذهلة أن نجد أن المسلمين الذين أكد كتابهم الوحدة والاتفاق والألفة والتعاون هم على وجه التحديد أشد سكان العالم اختلافاً وتنازعًا، رغم أن هذا التنازع قد جمد كل صور العمل والبناء التى كانت قائمة، وأوجد حربًا أهلية، لا غالب ولا مغلوب فيها ولكنها تستمر وتستعر وتأكل بعضها بعضًا، والجميع مغلوبون فيها.
خلافات وحروب فى الصومال البعيدة عن مجالات التوتر العلمى، التى كان يمكن أن تكون من أسعد الدول، فهى تشرف على مصايد أسماك غنية، ولديها أكبر عدد من أسراب الماشية، وأرضها خصبة ترويها السماء، وكل شىء فيها يجعل شعبها وديعًا.. سعيدًا.. متفقاً مع غيره.
واليمن التى لديها عشرات الأنواع من الأعناب، والتى نجد فيها الجبال والسهول، وتشرف على البحار، وبعيدة كل البعد عن مناطق التوتر العالمية، ما الذى دهاها حتى انشق جزء كبير من أهلها عن سلطتها، وجعل سلطتها تحاربها كما لو كانت عدوًا جاء يحاربها من الخارج .
والسودان الواسع الفسيح الذى يشقه النيل وتترامى على ضفتيه الأراضى الخصبة ويتسع لأضعاف سكانه، لماذا يحارب جنوبه شماله مع أن المصلحة واحدة؟ فالجنوب يختنق دون الشمال والشمال يفقد امتداده دون الجنوب، وكيف تصل دارفور إلى ما وصلت إليه بعد أن فشلت كل جهود الصلح ووساطة الوسطاء.
فى الصومال واليمن والسودان بعد أن أدت الحروب لهجرة الناس من البيوت وأماكن القتال، أصبحوا لاجئين يبيتون فى خيام وكانوا ينامون فى بيوت ويأكلون من معلبات المعونات، التى تصلهم بعد أن كانوا يأكلون من أرضهم ومن طبخهم، فى كل هذه الحالات تسمع صيحات هيئات الإغاثة تستغيث بالعالم لمزيد من المعونة بعد أن كادت مواردها تنفد مع أن هناك الملايين من الجوعى والمشردين ونشاهد صور السيدات الشقراوات يقدمن المعونات بيد يمتزج فيها الرثاء بالاحتقار لهؤلاء الناس، الذين لا يعرفون كيف يديرون أمورهم .
وأعجب نزاع، وأكثره أسى ومأساوية هو ما بين فتح وحماس، هذا النزاع الذى فشلت على صخوره وساطات مصر المتكررة للجمع بين الأخوين المتمردين، كلها تفشل إما للعناد والمصالح الذاتية، وإما لتدخل دول تكسب من هذا الصراع، ولو عقل الفريقان لعلما أنهما يضيعان فرصة ذهبية ويجنيان على شعب فلسطين، لأن العالم يضغط على إسرائيل لنقل المستوطنات وللدخول فى مفاوضات، وإسرائيل تتذرع بهذا الصراع لتتجنب المفاوضات ولتستمر فى غرس المستوطنات.
فكل هذا وهم يؤمنون بكتاب يقول:
(وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)

0 التعليقات:

إرسال تعليق