الأربعاء، ٩ سبتمبر ٢٠٠٩

إلهامات قرآنية.. يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً كتب جمال البنا

فى خمس أو ست آيات تعرض سورة الفرقان خلائق المؤمنين وتسردها سردًا أخاذاً يمسك النفس، أو قل إنها تسير معها لا تملك انفكاكاً ؛ لأن الآيات كالموجات المتسابقة تسلم كل واحدة للأخرى، أو كل واحدة تبدو مستقلة قدر ما تبدو متصلة واقرأ إذا شئت:
«وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا (٦٣) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (٦٤) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (٦٥) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (٦٦) وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (٦٧) وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (٦٨) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (٦٩) إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (٧٠) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا».
فانظر كيف يمكن لهؤلاء الناس الذين يسيرون على الأرض هوناً، بلا بطر ولا تكبر، ولا استعلاء، ولكن بصورة طبيعية تلقائية، وهم مع هذا يبيتون لربهم سجدًا وقيامًا، وإذا أنفقوا لم يقتروا ولم يسرفوا، وكان بين ذلك قوامًا، ومع هذا كله فإن الآيات لم تستبعد أن يقعوا فى كبائر الآثام، ولكنهم يتوبون إلى الله متابًا ويحسنون العمل، وفى هذه الحالة يحدث أمر عجيب.. تتبدل سيئاتهم حسنات، فيا لها من صفقة لا يمكن للتصور البشرى أن يصل إليها، إن الله تعالى لم يمح سيئاتهم الشنيعة فحسب، ولكنه عندما تابوا وأصلحوا العمل حول هذه السيئات إلى حسنات، فمن يمكــــن أن يتصور هذا، أو يصل إليه بخياله، فضلاً عن عمله، ولكنه الله، وكفى.

0 التعليقات:

إرسال تعليق