السبت، ٢٢ أغسطس ٢٠٠٩

هل يمكن تطبـيق الشريعة ؟ مقدّمة

أريد بهذه الرسالة الموجزة أن نبين للقراء أن تطبيق الشريعة، هذا الهدف العزيز على الإسلاميين جميعاً، يمكن أن يتم، ولكن بصورة تختلف تماماً عما هى فى أذهان كل الذين يقف إسلامهم عند الفهم السلفى وهم عامة المسلمين. فلابد لتطبيق الشريعة من تجاوز الإطار السلفى الذى يحكم الفكر الإسلامى المعاصر، وتنادى به المؤسسة الدينية وتدعو إليه الهيئات الإسلامية، حتى يمكن إعطاء الشريعة دفعة جديدة، ولإبرازها فى ثوب يتفق مع مقتضيات العصر قدر ما يختلف عن الثوب التقليدى، على أن يتم هذا كله دون تجاوز القرآن الكريم وما صح بصورة قاطعة – عن الرسول. فلا يمكن فى مثل هذا الموضوع الهام والمعقد أن نأخذ بأحاديث تقبل الاحتمال ولا تثبت صحتها على وجه القطع، فضلاً عن إننا نرى أن السُنة لا تستقل بالتحريم والتحليل، وأن فيها ما لا يعد تشريعا، وأنه ليس لها التأبيد الذي للقرآن.

وعندما نقول عدم تجاوز ما جاء به القرآن الكريم، فنحن نعنى النص المقدس نفسه، وليس تفسيرات المفسرين الذين فسروا القرآن بحكم ثقافاتهم وبحكم عصرهم فجاء تفسيراً مجافياً لما أراده القرآن.

وعن هذا السبيل توصّل الكتاب إلى أمرين هما :

أ) أن الشريعة فى حقيقتها وجوهرها ليست شيئاً آخر غير العدل. وقد تجاوزه عند الضرورة إلى المصلحة.

ب) أن الحرية شرط لازم لضمان تحقيق الشريعة لهدفها. وبدونها فإن الشريعة تعجز عن ذلك ودلل الكتاب على ذلك بمثالين من الغرب والشرق.

بهذا، وليس فيه أي مخالفة لأصلي الإسلام، القرآن والسُنة، يمكن تقديم الشريعة بشكل يسهم فى حل المشكلة الاجتماعية ويمثل إضافة بنّاءة.

وبدون هذا، فلن يمكن تطبيق الشريعة، وإذا طبقتها الدولة طبقاً لخطوط الفقه السلفى فلن تأت بنتيجة لأنها ستطبق عن طريق السلطة. وبوازع السلطان وليس بوازع القرآن ولأن الصورة التى قدمها الفقه السلفى للشريعة صورة باليه لا تصلح فى العصر الحديث. ولا تتفق مع مقتضياته، ولا يمكن لأى قوة أن تلوى يد التطور أو تدخل فى مماحكة معه، أو تفرض نفسها عليه لأن التطور هو "السنن" التى وضعها الله تعالى لسير المجتمع..

لقد استبان الأمر، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.

جمال البنّـا

القاهرة، يونيو 2005 م - ربيع الآخر 1426هـ

0 التعليقات:

إرسال تعليق