السبت، ٢٢ أغسطس ٢٠٠٩

الفصل السادس: السلطة تفسد التشيّع العلوى وتحوله إلى تشيّع صفوى

هناك حساسية خاصة فى الحديث عن الشيعة ..

من ناحية، فإن الفكر الشيعى هو أشد الأفكار الإسلامية تمسكاً بالدولة، ويجعل هذه الدولة "ثيولوجية" يحكمها أئمة معصومون كما أننا لا نعدم فى ثنايا هذا الفكر أراء بعيدة كل البعد عن العقلانية مثل العصمة، والشفاعة والتقية والإمام الغائب الخ …

ومن ناحية ثانية فإن الشيعة هى الفرقة الإسلامية التى تمكنت من إقامة دولة فى منطقة فسيحة من العالم، غنية بالثروات الطبيعية وفيها من المؤهلات ما يجعلها تدخل فى إطار الدول المتقدمة …

وفى التعامل مع الشيعة، كما فى التعامل مع السُنة، نحن نتخذ منطلقنا من القرآن الكريم نفسه ووحده دون تفسيرات كانت ثمرة ثقافات وميول أصحابها وتحكم فيها روح العصر كما نرفض مع هذه التفسيرات ما جاءت به من أسباب نزول أو نسخ أو غير ذلك مما انتهت إليه هذه الاجتهادات ..

كما أننا نضبط السُنة بمعايير من القرآن الكريم، فما اتفق معها أخذنا به وما اختلف معها توقفنا فيه.

وهذا المنهج قد يقربنا من الشيعة فى بعض القضايا، كما قد يجعلنا نختلف معها – كما اختلفنا من قبل مع المنهج السلفى التقليدى السنى ..

ولكننا نؤمن أن الشيعة تمثل إضافة هامة وأصيلة فى الفكر الإسلامى تثرى المجتمع وتقوم بدور مطلوب فيه، ونحن أبعد الناس عن تعميق الخلاف ما بين الشيعة والسُنة واعتبار الشيعة فرقة مارقة أو خارجة، لأن الاختلافات كلها تدور حول الخلافة أو الإمامة وليست هى من أمور العقيدة التى تؤثر على الإيمان الإسلامى. فالشيعة أخوة لنا فى الإسلام، ولهم معزتهم الخاصة.. وإن كنا نؤمن – فى الوقت نفسه – أن الشيعة تعرضت لمؤثرات خارجية عنها أثرت عليها. ثم عندما أصبحت مذهبا لدولة، فإنها – بتأثير السلطة – انحرفت تماماً عن مسارها.

ونحن نفرق بين ثلاثة أنماط تحمل اسم الشيعة :

النمط الأول: التشيع العلوى/الحسينى. وهو الذى نراه التشيع الحقيقى الذى يمثل إضافة أصلية وله دور مطلوب.

النمط الثانى: ما أضيف إلى هذا التشيع عندما ارتؤى اعطاؤه مضمونا سياسياً يجعله أساساً للحكم ..

وهذا النمط – فيما نرى – مستحدث بحكم الملابسات والاجتهاد، وفرض فرضاً على التشيع الأول وشوهه حتى كاد أن يصل به إلى حد الخرافة …

النمط الثالث: التشيع عندما أصبح حكماً ودولة باستيلاء الصفويين على الحكم وعندئذ فإن السلطة أفسدته إفسادا جعله لا يمت فى الحقيقة إلى التشيع العلوى/الحسينى رغم أن كل شاراته وشعاراته ودعاياته تدور حول الإمام على والإمام الحسين.

أولاً: التشيع العلوى/الحسينى :

لعل مفتاح هذا التشبع هو الخصوصية التى تكتسبها شخصية الإمام على بن أبى طالب. وقلنا "الخصوصية" حتى لا نقع فى "الأفضلية" فنصدر أحكاما بأن هذا أفضل من ذاك على غير أساس إلا الاجتهاد الذاتى الذى قد يخطئ ويصيب علماً بأننا لا نرى حرجاً فى أن يكون على بن أبى طالب أفضل من أبى بكر وعمر فهذه مسألة تقدير ذاتى. وقد يكون حكم التاريخ أكثر سلامة من تقديرات تقوم على أقوال. فالأفضلية قضية جدلية، أما الخصوصية فهى صفة ثابتة مقررة للإمام على فالإمام من صميم البيت النبوى وصفوة الهاشميين وقد أراد الله له أن ينشأ فى بيت الرسول، وأن يقضى طفولته بين خديجة ومحمد وأنعم بهما وأن يكون أول من يسلم من الصبيان.

وكان الرسول يؤثره بمحبة خاصة، وزوّجه ابنته الأثيرة فاطمة فأنجبت منه الحسن والحسين اللذين كانا قرة عين الرسول.

وعرف على بشجاعته الباهرة التى أبداها فى بدر وخيبر وغيرها من الغزوات التى جعلته فارس الإسلام.

كما عرف بزهده وتعاليه عن الحرص على الثراء أو الاستمتاع بالحياة الدنيا. وقد أراد الله له أن يعيش متقشفاً فقيراً.

وأورثه ذلك نوعاً من النفور من الثراء، وظل يعيش طوال حياته معيشة آحاد الناس وعامتهم. وعندما ولى الخلافة لم يكن ليدخل بيت المال شيئاً من الأموال والثروات حتى يقسمه فوراً، ثم يأمر بكنس بيت المال ويصلى فيه ركعتين "وكأن الأموال قد قذرت أرضه فكنسها لتصح صلاته عليها" ..

وهو تصرف يماثل تصرف الرسول الذى انزعج عندما وجد تحت وسادته دراهم معدودة وخشى أن يسائله الله عنها ..

وهذا إعداد إلهى لتخليص القادة الذين يصطفيهم الله من أدران الثروة التى تعزل صاحبها عن عامة الناس وتجعله مميزاً له أرستقراطية تعود إلى هذه الثروة التى هى عرض ومتاع من متاع الحياة الدنيا وليجعله قريباً من عامة الناس بحيث يتفاعل معهم ويتفاعلون معه، وهى صفة لم تتوفر بهذه الدرجة لأبى بكر أو عمر.

وعبر الرسول عن إعزازه لعلى وعن خصوصيته له فى مناسبتين: الأولى عندما استخلفه على المدينة لما خرج لغزوة تبوك، وأراد على أن يصحب الرسول، ولكن الرسول قال له "أما ترضى بأن تكون منى كهارون من موسى..غير أن لا نبى بعد".

وجاءت المناسبة الأخرى فى حادثة غدير خم – فى السنة الحادية عشر للهجرة "من كنت مولاه – فعلى مولاه. اللهم وأول من والاه وعادى من عاداه.." ونحن نأخذ بهذا الحديث، ولا نرى داعياً للتشكيك فيه لأنه روى عن كثير من الصحابة لأن معظم ما أوردوه بسند حسن، ولأنه ليس فيه من المعانى ما يثير اعتراضا ..

ووَلاية على (بفتح الواو) هى الإرث الأول والإضافة التى يفترض أن تقدمها الشيعة..

الوَلاية (بفتح الواو) هى الإرشاد الروحى، هى إشاعة الإيمان الذى تطمئن إليه النفوس وتقر به القلوب ويشيع السلام بين الناس.. والولى يقوم بهذه المهمة التى يقوم بها الأنبياء عادة. وما يميز الأنبياء هو أنهم يقومون بها بوحى من الله تعالى، أما الأولياء فيقومون بها بأسوة من الأنبياء ..

أراد الرسول أن يكون عليا خليفته فى الوَلاية بالفتح.. وليس فى الوِلاية (بالكسر) ..

وهذا هو ما فهمه بعض أحفاده. فقد قيل للحسن بن الحسن بن على الذى كان كبير الطالبيين فى عهده، وكان وصى أبيه. وولى صدقة جده ألم يقل رسول الله "من كنت مولاه فعلى مولاه فقال بلى ولكن لم يَعْنِ رسول الله بذلك الإمامة والسلطان ولو أراد لأفصح لهم به."[21]

يضاف إلى الخصوصية التى منحها الرسول r للإمام على وتمثلت فى الولاية، طريقة حكم علىَّ عندما آلت إليه الخلافة، وكيف حاول أن يعيدها خلافة راشدة، وكيف قاوم كل دعاة السلطة، وكيف تعذب وعانى طيلة خلافته ثم استشهد فى النهاية.

وتأتى الإضافة الثانية التى قدمها الإمام الحسين، وهى الشهادة التى تمثل التضحية بالنفس فى سبيل الكرامة، وهذه قيمة عظمى لو استظهرها المسلمون واستوعبوها لاختلف التاريخ الإسلامى لأنها حدثت بطريقة "مأساوية دراماتيكية" عميقة التأثير.

وتختلف شهادة الحسين عن شهادة الذين يقتلون فى حرب مشروعة وفى سبيل الله فى أنها شهادة مقصودة، فلم يكن هناك أى احتمال لنجاة 72 رجلاً أمام بضعة آلاف وكان هناك منأى عنها فى الاستجابة لمطلب زياد. ولكن الحسين رفض بإباء وأصر على أن يقتل أمام عينيه كل أفراد أسرته ثم يقتل هو نفسه فى النهاية فى مشهد يثير الحزن والأسى حتى بالنسبة لأقسى الناس …

فى نظرنا إذن، أن ما يحق للشيعة أن تفخر به، وأن تقدمه فى التاريخ الإسلامى، وأن تعتبره الأساس الفكرى لها هو ولاية على.. وشهادة الحسين.

ولكن للأسف الشديد أن هاتين القيمتين فقدا طبيعتهما عندما أدمجا فى مضمون سياسى يستهدف الحكم.

فحدث التشويه الأول للفكر الشيعى الذى أقحمته دعوى الحكم وأبعدت الوِلاية (بكسر الواو) المدعاة الوَلاية (بفتح الواو) المقررة لعلى بن أبى طالب بحديث الرسول r.

نحن نأخذ بالحذر والشك كل ما نسجه الدعاة الشيعيون من أحاديث عن الوصاية لعلى بالخلافة. ونحن نستبعده لعدم ثبوته أولا. إذ لو كان له أصل لأعلنه الرسول. وقد ولى الرسول زيد بن حارثة على أحد الجيوش وولى أبنه الشاب أسامة على جيش فى جلة الصحابة – بما فيهم عمر بن الخطاب. فلو كان الرسول يريد توصيه لأعلنها ولنفذها.

ونحن نستبعدها لأنها تخالف طبيعة الإسلام كدين هداية ولأن مبادءه المقدسة عن المساواة تفرض ألا يكون لأحد فخر أو صفة خاصة بحكم النسب أو الدم أو الجاه الخ… ولأن الوصية تجعل من الإسلام حكما ثيولوجيا وراثيا محصوراً فى فرع واحد من الأسرة النبوية، والقرآن الكريم يقول )إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ(.

ونحن نستبعدها لأن أقوال الرسول تخالفها فالرسول يقول "يا فاطمة.. يا صفية.. اعملى فإنى لا أغنى عنكم من الله شيئاً، ويقول "لا يأتونى الناس بالأعمال.. وتأتونى بالأنساب" فالعمل والتقوى هو معيار الصلاحية والأفضلية وليس الحسب والنسب.

ونحن نستبعدها لأنها تخالف أعمال الرسول.

وقد عالج هذه النقطة أحد المؤرخين القدامى الذين أزعجه طموح بنى أمية، ثم توليهم بالفعل الخلافة.. دون على بن أبى طالب هو المقريزى فى رسالته النزاع والتخاصم فيما بين أمية وهاشم فقال "فإنى كثيراً ما كنت أتعجب من تطاول بنى أمية إلى الخلافة مع بعدهم من جذم رسول الله r وقرب بنى هاشم – وأقول كيف حدثتهم أنفسهم بذلك وأين بنو أمية وبنو مروان بن الحكم طريد رسول الله r ولعينه من هذا الحديث مع تحكم العداوة بين بنى أمية وبنى هاشم فى أيام جاهليتها ثم شدة عداوة بنى أمية لرسول الله r ومبالغتهم فى أذاه وتماديهم على تكذيبه.

ويستطرد …

وما زلت طول الأعوام الكثيرة أعمل فكرى فى هذا وأشباهه التى يطول ذكرها وأذاكر به من أدركت من مشيخة العلم ومن لقيت من حملة الآثار ونقلة الأخبار فلا أجد فى طول عمرى سوى رجلين إما رجل عراه ماعرانى وساءه ما قد دهانى فهو يحذو فى المقال حذوى ويشكو من الألم شكوى وإما رجل يرتع فى ميدان تقليده ويجول فى عرصات تهوره وتفنيده فلا يزيدنى على التهويل والهذر الطويل إلى أن اتضح لى والحمد الله وحده سبب أخذ بنى أمية الخلافة ومنعها بنى هاشم، وذلك أنه لا خلاف بين أئمة الحديث ونقاد الأخبار وعلماء السير والآثار أن رسول الله r توفى وعامله على مكة أبو عبد الرحمن عتاب بن أسيد ابن أبى العيص بن أمية بن عبد شمس القرشى الأموى أحد من أسلم يوم فتح مكة وأنه لم يزل على مكة منذ فتحها الله على رسول الله r عام ثمان من الهجرة إلى أن توفاه الله عز وجل فاقر أبو بكر الصديق رضى الله عنه عتابا حتى ماتا فى يوم واحد وكان النبى r قسم اليمن بين خمسة رجال خالد بن سعيد على صنعاء والمهاجر ابن أبى أمية على كندة وزياد بن لبيد على حضرموت ومعاذ بن جبل على الجند وأبا موسى الأشعرى على زبيد ورمع وعدن فكان عامل رسول الله على صنعاء اليمن كما تقدم خالد بن سعيد بن العاصى بن أمية بن عبد شمس بعثه r إليها سنة عشر من الهجرة فتوفى رسول الله r وخالد على اليمن وكان أبان بن سعيد بن العاصى بن أمية على البحرين برها وبحرها منذ عزل العلاء بن الحضرمى حليف بنى أمية وقيل بل مات رسول الله r والعلاء على البحرين وكان عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية على تيماء وخيبر تبوك وفدك.

فإذا كان رسول الله r قد أسس هذا الأساس وأظهر بنى أمية لجميع الناس بتوليتهم أعماله فيما فتح الله عليه من البلاد كيف لا يقوى ظنهم ولا ينبسط رجاؤهم ولا يحتد فى الولاية أملهم أم كيف لا يضعف أمل بنى هاشم وينقبض رجاؤهم ويقصر أملهم.

فانظر كيف لم يكن فى عمال رسول الله r ولا فى عمال أبى بكر وعمر رضى الله عنهما أحد من بنى هاشم فهذا وشبهه هو الذى حدد أنياب بنى أمية وفتح أبوابهم وأترع كأسهم وفتل أمراسهم.

لما كانت بنو هاشم من بنى قريش اختصها الله سبحانه بهذا الأمر أعنى الدعوة إلى الله تعالى والنبوة والكتاب فحازت بذلك الشرف الباقى وكانت أحوال الدنيا من الخلافة والملك ونحوه زائلة لهذا أزواها الله تعالى عنهم تنبيها على شرفهم وعلو مقدارهم فإن ذلك هو خيرة الله لنبيه محمد r كما ثبت أنه r لما خير اختار أن يكون نبيا عبداً ولم يختر أن يكون نبيا ملكا وسأل مثل ذلك لآله."

وقطع المقريزى بأن على بن أبى طالب كان يعلم أن رسول الله r يربأ ببنى هاشم عن ولاية الأعمال وقال "وقد كان غير واحد من فضلاء الصحابة رضى الله عنهم يعلم أن آل البيت أرفع قدراً من أن يبتليهم بأعمال الدنيا مثل عبد الله بن عمر بن الخطاب الذى سأل الحسين أين تريد قال العراق قال لا تأتهم قال هذه كتبهم وبيعتهم فقال إن الله عز وجل خير نبيه r بين الآخرة والدنيا فاختار الآخرة ولم يرد الدنيا وإنك بضعة من رسول الله r والله لا يليها أحد منكم وما صرفها الله عنكم إلا للذى هو خير لكم فارجع فأبى الحسين وقال هذه كتبهم وبيعتهم فاعتنقه عبد الله بن عمر وقال استودعك الله من قتيل فكان كما قال ابن عمر وكذلك قال عبد الله بن عباس رضى الله عنهما للحسين والله يا ابن أخى ما كان الله ليجمع لكم بين النبوة والخلافة وهذا من فقههما."

ونحن نستبعد الوصاية على أساس موضوعى. لأن الأساس الذى قدمه الشيعة هو أن العدالة الإلهية ولطف الله بعبيده يستلزمان ألا تترك مسألة الإمامة دون حسم، وكما أوجب العقل إرسال الأنبياء والرسل، فإنه يوجب أيضاً تعيين أئمة معصومين فى غيابهم من أجل رعاية أتباعهم أو اصطلاحا "ولايتهم". وعلاوة على هذا فإن النتيجة المنطقية لقبول تعاليم الرسول هو التعهد بالقيام بها، والفهم الصحيح النقى للمعانى الحقيقية للقرآن والأحاديث النبوية هو الذى كان يستطيع أن يتقدم بالمجتمع الإسلامى فى هذا الاتجاه، وهذا العلم كان فى حوزة أشخاص من خواص الرسول r ومن المقربين إليه وبخاصة على رضى الله عنه، وعن طريقه انتقل للأئمة الإحدى عشر أو أعقابه من الذكور.. وهذا هو على الأقل رأى الشيعة الإثنى عشرية.

وهم يرون أن مبدأ اختيار خلفاء الرسول r أو انتخابهم، ليس هو الأمثل، لأن "قيادة الأمة أكثر أهمية من أن تناط بآراء أفراد عاديين وأنظارهم بحيث يكون من الممكن أن يختاروا لها شخصا غير صالح، وهذا مما يتعارض مع الهدف الأصلى الإلهى من تنزيل الكتاب وإرسال الرسل، والله سبحانه وتعالى وحده هو الذى يعلم مدى علم الناس وعصمتهم، ويستطيع عن طريق تعريف رسله بأولئك الذين يتميزون بالعلم والعصمة أن يضمن انتصار وحيه وتنزيله. وهنا تطرح قضية الشخصيات على بساط البحث إذ يعتقد الشيعة أن أولئك الذين كانوا على علاقة وثيقة بالرسول r هم الذين كانوا يستطيعون التحلى بهذه الصفات ومن ثم فإن هذه الصفات لم تجتمع إلا فى على وأعقابه من الذكور.

وهذا الجزء من الجدلية الشيعية يكمل رأيهم الآخر الذى يعد أهم عنصر فى نظرية الشيعة السياسية: أى الضرورة المطلقة القاطعة للعدل كشرط الإمامة، وهذا طبقاً للآية الواردة فى القرآن الكريم صراحة )لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ( {البقرة 124}. ويدور بقية جدل الشيعة عن الإمامة حول تفسير مقام العلماء والمجتهدين فى المجتمع الإسلامى فى غيبة الأئمة، فالعلماء وهم جمع عالم تعنى به ذلك المحقق فى أمور الدين أو المعنى الخاص للكلمة عالم الدين أو الفقيه، والمجتهد لغة هو كل من يبذل كل جهده فى استخدام قواه الذهنية، لكنه يعنى اصطلاحا العالم الذى يستنبط الأحكام الفقهية ويستخرجها من منابعها الأصلية، وإذا كان الأئمة هم المسئولين عن إرشاد المسلمين بعد غياب الوحى، أى بعد وفاة خاتم الأنبياء والمرسلين محمد r فإن العلماء والمجتهدين مسئولون عن مهمة إرشاد المسلمين بعد انتهاء فترة الإمامة أى بعد غيبة الإمام، وهناك بلا شك فرق بين الفئتين وهو أن العلماء لا يشتركون مع الأئمة فى العصمــة أو ســائــر صفاتهم غير العادية."[22]

ولكننا نرى أن تحرير القول فى الشيعة يتطلب الفصل بين مرحلتين: المرحلة الشيعية كفرقة مكافحة معارضة لممارسات الدولة الأموية والعباسية دون أن تلى حكما.. والمرحلة الثانية: عندما استطاع الفرع الأقوى من الشيعة – الأثنى عشرية – تكوين دولة الصفويين فى إيران فى القرن الخامس عشر. ونرى أن التكلف فى استخلاص النتائج هو من الوضوح بحيث لا تكون فى حاجة لرد بالتفصيل.

كما أن منهجنا فى معالجة الشيعة فى المرحلتين يختلف عن المعالجات التقليدية خاصة فى العهود المظلمة القديمة التى دفعت التعصبات بكل من السُنة والشيعة لأن يكفر بعضها بعضاً.. وهو ما يعود إلى أننا كما ذكرنا – لا نعتمد إلا على القرآن الكريم، وليس على أقوال أئمة يعدون خصوماً بعضهم لبعض فى هذه القضية ..

وانطلاقاً من هذا المنهج فنحن لا نرى أن الاختلافات ما بين الفكر الشيعى والفكر السنى – رغم أنها عميقة فإنها لا يمكن أن تزيل عن الشيعة الالتزام بالإيمان الإسلامى الذى يبسط مظلته على كل من يقول "لا إله إلا الله محمد رسول الله" بل إننا نرى أن هذه الاختلافات أمر طبيعى، وأنه يثرى الموضوع لأنه يعبر عن آثار العصر والملابسات على الفكر ويعين على استبعاد هذه الآثار متى انتهى دورها، والعودة إلى العناصر الأساسية فى القضية. وقلنا أكثر من مرة إن "الغلو" نفسه ليس شراً خالصاً لأنه فى عنفه قد يصل إلى مدى يقصر عنه اللين والمعالجة المألوفة فيخدم القضية أيضاً ..

ونحن نرى أن فكرة "الخلافة" أو "الإمامة" التى تعد أكبر فارق بين الفكر السنى والشيعى وأكبر مميز للفكر الشيعى، وما يلحق بها مما جاءت الإشارة إليه عندما عرضنا للفكر الشيعى لم تكن هى جوهر الفكر الشيعى ولكنها من عمل الملابسات والسياق التاريخى الذى فرضها على الشيعة كما فرض على الفكر السنى فكرة الخلافة

ومن المسلم به أن الشيعة تبدأ من على بن أبى طالب ويفترض أن تكون أنقى صورها وأكثرها أصالة بلورة لشخصية هذا الرجل، وهناك عدد كبير من العوامل أثرت على شخصية على بن أبى طالب وساعدت على إبرازه فى صورة مميزة ..

وعلى بن أبى طالب مع أنه فرع من الدوحة الهاشمية إلا أن أباه – أبو طالب – لم يكن له حظ من ثراء – وقد رأى الرسول أن يضم إليه عليا تخفيفا عن أبيه.

وهكذا أراد الله تعالى لحكمة خفية سامية أن يبعده عن عالم الثراء الذى كانت تتصف به بنو أمية، وأن تقربه إلى بيت الدعوة ليعيش بين محمد وخديجة: وليكون أول من يسلم من الصبيان.

وعندما لحق الرسول بربه وتطلبت الأمور تعيين خليفة أدت الملابسات إلى اختيار أبى بكر، وبعد أبى بكر جاء دور عمر بن الخطاب ثم تولاها عثمان. وأخيراً انتهت إلى على.

ونحن نختلف مع الفكرة الشعبية المقررة عن أن عليا ظلم حقه فى الخلافة، سواء لأن الرسول أوصى له بها، أو لأنه كان أفضل المرشحين ..

فليس من العسير أن يتبين أى دارس أنه لو أن الرسول أوصى له بشىء فى هذا الأمر الخطير لكان قد أعلمه صراحة حتى لا يحدث خلاف أو شقاق أو يحيق به ظلم. وقد أمر الرسول أسامة بن زيد، كما أمر أباه من قبل ولم يرفض أحد من الصحابة، ولو أراد الرسول أن يخلفه على لما عارضه أحد …

ولكن الرسول لم يفعل هذا، وما يسوقونه من أحاديث لا تقتضى ذلك صراحة وتحديداً فضلاً عما عرضه المقريزى، وأوردناه آنفا عن أن النبى كان يربأ ببنى هاشم عن الولاية.

ولم يكن من المعقول أن لا يدرك على بن أبى طالب ذلك. ولكن هذا لم يكن ليحول دون أن يكون له حق بحكم سابقته وكفاحه فى الترشيح للخلافة.

وقضية أفضلية الإمام على على أبى بكر وعمر قضية لم يكن هناك ما يحول دون أن تثار، سواء من ناحية على نفسه، أو من بعض أصحابه وليس الحكم فيها بأن عليا أفضل مما يمس الإيمان فى شىء، لأنها قضية تقدير مبنى على اعتبارات حول الكفاءات لأفراد، وهى قضية بعيدة عن العقيدة والإيمان الخ… وكان يمكن أن تعد من القضايا الجدلية كقضية الفكر المعتزلى مثلاً – لا تثير حروباً أو دماء. ولكن ما جعلها كذلك هو ما ألصق بها من دعوى الوصاية وفكرة "الدولة" وفى النهاية السلطة ..

ونحن نرى أن كل ما قيل عن الوصية لعلى إنما هى من الآثار التى أضيفت فى مرحلة لاحقة إلى على لأنه هو نفسه لم يدعيها ولأن ما سيق من أحاديث لا تقتضيها فحديث "أنت منى بمنزلة هارون من موسى" لا تجعل له خلافة، فلم يرث هارون موسى، وكان الذى قام بعد موسى بالقيادة هو يوشع، وليس هو من سبط "لاوى" الذى يمت إليه موسى وهارون ولكن من سبط أفرائيم بن يوسف. بينما خص سلالة هارون بنوع من الكهانة.. كما أن حديث غدير حم لا يتضمن حقا ولكن وَلاية (بفتح الواو) وهى منزلة دينية خالصة تجعل عليا "ولى" هذه الأمة. وما فى هذا الولى من صفات الإرشاد والتوجيه الدينى وليس الحكم السياسى ..

وهذه الآثار كلها تفند دعوى الوصاية، وتثبت أنها إنما أضيفت إلى الفكر الشيعى فيما أضيفت إليه من روايات فى مراحل لاحقة.

وقدم الحسين لأرث الشيعة فكرة "الشهادة" عندما آثر أن يقاتل جيش ابن زياد وهو فى اثنين وسبعين رجلاً وجيش زياد فى أكثر من ألفين. ولم يكن من معنى لهذا إلا إيثار الشهادة وجاءت نتيجة المعركة، أو المجزرة – مؤكدة هذا المعنى بحيث أصبح من المأثورات فى الفكر الشيعى.

الوَلاية (بفتح الواو) التى أرادها الرسول لعلى بن أبى طالب فى حديثى غدير خم وأنت منى بمنزلة هارون من موسى والشهادة التى قدمها الحسين هما فى الحقيقة الركيزتان الأساسيتان للشيعة، والإضافة التى تقدمها للفكر السياسى الإسلامى.

ومن المؤسف أن لم تلحظ هاتين الركيزتين لأن فكرة السلطة التصقت بهما فأفسدتهما ..

ويجب أن نفرق بين مقاومة ظلم الحكام واستبدادهم والرغبة فى تولى السلطة. والأول واجب نبيل، مقدس أوجبه القرآن والرسول على المسلمين جميعا باعتباره أسمى درجة من درجات النهى عن المنكر ...

وأما الرغبة فى السلطة فإنها – مهما كانت دعاويها – مذمومة. ولم يكن عبثا أن يُرسى الرسول نفسه مبدأ "طالب الولاية لا يولى" وإنا لا نولى هذا الأمر رجلاً طلبه.

الوَلاية (بفتح الواو) نقيض الولاية بكسرها هى كالحَمام (بفتح الحاء) والحِمام بكسرها. وما أبعد الفرق بين المعنيين.

ولو تقصينا مسالك كبار أئمة الشيعة حتى جعفر الصادق لرأينا أنهم كانوا عازفين عن الولاية، ولعل مسلك الحسن أصدق مثال لذلك، يتلوه مسلك على زين العابدين.. ومحمد الباقر.. وأخيراً جعفر الصادق الذى عندما جاءته إغراءات بالحكم أحرقها …

المفارقة المذهلة أن الذين لم يفهموا هذا المسلك زيفوا على جعفر الصادق بالذات من الأحاديث والروايات ما تئن به الجبال من ادعاءات الحكم، ليس فحسب على هذه الأرض، ولكن على الكون بأسره ..

أما قومات زيد بن على، وهو الذى يماثل جعفر الصادق فى منزلته، وابنه يحيى من بعده – فإنهما كانا يؤمنان كما هو معروف عند الزيدية – بضرورة مقاومة الباغى من الحكام وهو قريب مما فعله الحسين. وقد قتل زيد كما قتل ابنه يحيى وحملت رؤوسهما إلى الحكام الجناة.

وكما قلنا فإن مقاومة الحكام شئ – وطلب السلطة والولاية شئ آخر.. وقد نجد هذا فى الحركة الشيعية نفسها. فإن الفرع الإسماعيلى الذى انحرف عن الخط الجعفرى هو الذى استهدف الولاية وانتهى به الأمر إلى المؤامرات والباطنية وظهر منهم "الحشاشون" و "السفاحون" كما نشأت فيهم "القرامطة" الذين حكموا البحرين وعمان واستولوا على مكة. كما أقامت فرقة منهم حكما فى تونس وهم الفاطميون الذين استولوا على مصر وأسسوا الأزهر وحكموا مصر حتى أعادها صلاح الدين إلى المذهب السنى.

وكان النشاط السياسى الذى قام به الفرع الإسماعيلى واستهدف مباشرة الحكم هو الصورة الأولى لإفساد السلطة للفكر الشيعى …

أما الصورة الثانية، والتى لا تزال الحركة الشيعية تعانى منها حتى الآن فقد ظهرت عندما استولى الصفويون على الحكم فى إيران وجعل الشاه إسماعيل الصفوى المذهب الشيعى هو المذهب المقرر (من القرن السادس عشر حتى القرن الثامن عشر) ووصل الهوس المذهبى إلى درجة لا يمكن تصورها. وفرض الشاه إسماعيل لعن أبى بكر وعمر وعائشة وقتل قرابة أربعين ألفاً ترددوا أو رفضوا ذلك وأقيمت احتفالات فى ذكرى "مصرع عمر" تحت اسم "عمر كشان" وفى الوقت نفسه فإن تقديس الإمام على وصل إلى درجة أن اللقب الرسمى للشاه عباس الكبير كان "كلب أستان على" أى كلب عتبة على.. ولم يكن لدى هذا الشاه ذرة إيمان حقيقى بالإسلام لأنه أفطر مع حاشيته علنا مع مسيحى أصفهان وأكل معهم لحم الخنزير ويذكر الكاتب الذى نقل لنا هذه الواقعة وهو الدكتور الدسوقى شتا.[23]

"أصبح التشيع مذهباً للدولة تفرضه كتائب الحكومة بقوة السلاح، ونوعاً من العقيدة الجبرية التى ينبغى على كل الأفكار والعقائد أن تتوارى أمامها، وبدأت التشكيلات الشيعية تظهر فى المراكز العلمية، ليست تلك التشكيلات الثورية ذات الفكر المتقدم، بل ساد نوع من الجمود الفكرى الدينى، لم يكن المذهب الشيعى الإثنى عشرى الحقيقى هو الذى ساد الدولة الصفوية، بل كان نوعاً من الالتزام المتعصب فى مواجهة أهل السُنة من العثمانيين، وبلغ بعض ملوك الصفوية حداً فى تقديس "مظاهر" المذهب يبلغ مبلغ الإسفاف، فلم يعد من المذهب إلا الاحتفال بشخصيات الأئمة، والمبالغة فى تزيين المساجد والمشاهد الإمامية بصحائف الذهب، كان المذهب على يد الصفويين صورة بدائية وقبلية، ونوعاً من العقيدة الجامدة، أو على حد تعبير أحد الباحثين المعاصرين "كان مهتماً بأن يجعل جميع المؤمنين كلابا لعتبة الولاية " وشاع فى إيران أسماء مثل كلب حسين وكلب على.[24]

وإلى هذا العهد – عهد التشيع الصفوى – تعود كل ما طفحت به كتب الشيعة من ادعاءات مثل مصحف فاطمة، والجفر، وكل التفسيرات الباطنية للقرآن وكلها مفتريات على الشيعة تعود إلى العداوة المريرة التى نشبت ما بين الدولة الصفوية والدولة العثمانية السنية وجعلت الدولة الصفوية تعتبر السُنة هى عدوتها الأولى …

وقد عالج هذه النقطة بوضوح وقوة كاتب إيران البارز الدكتور على شريعتى وهو الكاتب الذى يمكن مقارنته بإقبال، ومحمد عبده، ومالك بن نبى ومحمد أسد، وأبرز كيف أفسد الحكم الصفوى التشيع العلوى ورأى أنه "مذهب المساجد ذات القباب الذهبية والتى لا يتردد عليها مصلون، مذهب تجليد القرآن الكريم وتذهيبه وتمجيده وليس البحث فيه وليس تفسيره، تقديس القرآن لا لفتحه ولا لقراءته مذهب التوسل بكتب الأدعية لغلق القرآن الكريم، لأن القرآن يعلم المسئولية، والتشيع الصفوى هو الذى أشاع البكاء وقراءة الروضة، وقراءة دعاء على الدرجة الرابعة للصفا والمروة يجلب الغنى، هو الذى أشاع كل ما ظنه أعداء التشيع تشيعاً حقيقياً وكل ما يزاوله الشيعة على أنه التشيع الحقيقى، وكل هذا البكاء والضرب بالقمة (سيف قصير) ليست من الإسلام وليست من التشيع."[25]

وأجرى الدكتور شريعتى مقارنة ما بين التشيع العلوى، والتشيع الصفوى نقلها الأستاذ فاضل رسول فى كتابه "هكذا تكلم على شريعتى" ..

فى التشيُّع العلوى

______________

الوصاية :

تعنى أن الرسول/ طبقاً لأوامر الله تعالى، أوصى بأفضل الأشخاص وأكثرهم كفاءة فى أهل بيته، على أساس كونه أكثرهم علماً وتقوى واستحقاقاً.

الإمامة :

تعنى قيادة ثورية، تهدى الناس فى الكفاح من أجل بناء مجتمع سليم، وتقوم بتوعية الناس وحثهم على التفكير والاستقلال فى الرأى. إنها قيادة تتكون من أشخاص هم التجسيد العملى لمبادئ ورسالة الإسلام، ويمكن بالعمل تحت قيادتهم أن نتربى ونعى أكثر فأكثر ..

العصمة :

تعنى الاعتقاد بالتقوى الفكرية والاجتماعية للقادة المؤمنين، الشاعرين بالمسئولية، والساعين من أجل العلم وحكم الشعب. ويعنى هذا، رفض حكم الجور، رفض طاعة العلماء المشكوك بنزاهتهم ورجال الدين المزيفين المرتبطين بأجهزة الخلافة.

الولاية :

تعنى القبول بحب على، والتصرف اقتداءً بسلوك على، باعتباره نموذجاً راقياً لأحد عباد الله. كانت قيادته تهدى الناس كسراج منير، وحكمه كان كتطلع الإنسان نفسه عبر التاريخ: أمل فى العدل والحرية والمساواة. فى سنوات حكمه الخمس خير دليل، ينشدها الناس ولا زالوا كقدوة.

الشفاعة :

حافز على العمل من أجل اكتساب استحقاق النجاة فى الآخرة.

الاجتهاد :

عنصر الحركة والتطور فى الدين عبر الزمن، وخطوة فخطوة مع التاريخ والثورة الدائمة للإنسان. إنه تطور فى نظرة الدين يسمح بتطور منسجم فى الفقه حسب التغييرات.

التقليد :

علاقة منطقية وعلمية ضرورية بين عامة الناس وعلماء الدين المتخصصين فى المسائل العملية والحقوق وقضايا أخرى ذات طابع فنى ومتخصص.

العدل :

الاعتقاد بوجود صفة العدالة فى الله، وبأن الكون قائم على التوازن والعدل، فالنظام الاجتماعى والحياة أيضاً يجب أن ترسى على أسس العدل. إن الظلم واللامساواة هما نظام غير طبيعى وغير إلهى، بل إنه ضد الله. إن العدل هو أحد ركنين أساسيين فى الدين، فالعدل هو هدف الرسالة والشعار العظيم للإسلام.

**

إن التشيع العلوى هو تشيع المعرفة والمحبة.

إن التشيع العلوى هو تشيع السُنة.

إن التشيع العلوى هو تشيع الوحدة.

إن التشيع العلوى هو تشيع العدل، (العدل فى العلم، فى المجتمع فى الحياة).

إن التشيع العلوى هو تشيع الممارسة.

إن التشيع العلوى هو تشيع الالتزام.

إن التشيع العلوى هو تشيع الاجتهاد.

إنه تشيع المسئولية.

تشيع الحرية.

تشيع ثورة كربلاء.

تشيع الشهادة.

تشيع السعى وراء التقدم والتطور.

f

فى التشيُّع الصفوى

________________

الوصاية :

تعنى تعيين سلطة غير منتخبة، وراثية تستند إلى التسلسل الوراثى وعلاقة الدم والقرابة.

الإمامة :

هى الاعتقاد بـ (12) إسماً، باعتبارهم معصومين ومقدسين عناصر فوق البشر ومن ما وراء الطبيعة، وهم الوسيلة الوحيدة للتقرب والشفاعة. إنهم 12 ملاكاً يمكن عبادتهم، فهم مخلوقات غيبية، بل وآلهة صغيرة تتحكم بالدنيا وبمشيئة الناس إلى جانب الإله الأكبر فى السماء.

العصمة :

تعنى مفهوماً ذاتياً، صفة استثنائية خارقة لمخلوقات غيبية، ليست من طينة البشر، ولا يمكن أن يخطئوا فى شئ، ويعنى هذا بأن 12 شخصاً فقط امتلكوا هذه الذات الخاصة وهذه الصفات.

هذا يعنى أيضاً، الاعتراف بأن انحراف وعدم نزاهة الحكومات القائمة هى أمر طبيعى (لأنها ليست معصومة) والقبول بعلماء الدين غير النزيهين ورجال الدين غير المتقين، بحجة أنهم غير معصومين ولا يمكن توقع الكمال منهم.

الولاية :

تعنى حب على فقط، والتنصل من كل مسئولية عملية. تعنى الأمل بالجنة فقط، بسبب الاعتقاد بولاية على. أى أن الولاية هى لضمان الآخرة، وليست شيئاً يفيد المجتمع والشعب. إنها مسألة لا تهم الناس بل تهم الله. إذ إنها تعنى فى مفهوم التشيع الصفوى التشارك مع الله فى إدارة الكون والعالم.

الشفاعة :

وسيلة لنجاة من لا يستحق !

الاجتهاد :

عنصر الجمود والتحجر فى الدين، وعائق أمام التقدم والتجديد والتغيير. وسيلة لإدانة وتكفير وتفسيق كل عمل جديد، كل كلمة جديدة، وكل نهج جديد فى الدين ونظام الحياة والعلم والفكر وفى المجتمع.

التقليد :

الطاعة العمياء لرجال الدين. التبعية المطلقة وغير القابلة للنقاش لرجل الدين، وذلك فى العقل والعقيدة والحكم. أى حسب تعبير القرآن، عبادة رجال الدين "عبادة الأحبار والرهبان من دون الله" ..

العدل :

طرح إلهى، يتعلق بما بعد الموت. أما كيف يحكم الله فى الآخرة وكيف يقضى بين الناس، فلا علاقة له بالدنيا، لأن الدنيا هى من شئون "الشاه عباس!!" انسجاماً مع القول: دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله. الدنيا وما قبل الموت هى من صلاحيات الشاه عباس، والآخرة هى من صلاحيات الله !

الدعاء :

تكرار ممل، مخدر، يعد الناس بآمال واهية. يطمع البعض بثواب عن حسنات لم يعلموها، ويقدم بديلاً عن بذل الجهود وتحمل الشدائد والمخاطر فى الحياة.

الانتظار :

الاستسلام الروحى والعملى والعقائدى للأمر الواقع والوضع السائد. تبرير الفساد فى الأرض، والنظر للأمر الواقع وكأنه قدر لا يمكن رده. إلغاء الدور المسؤول للإنسان. اليأس من كل إصلاح وتغيير وإدانة أية محاولة فى هذا المجال، بدعوى استحالتها قبل ظهور الإمام.

الغيبة :

سلب المسئولية من الجميع، تعطيل جميع الأحكام الاجتماعية للإسلام. الاعتقاد بعدم جدوى أى عمل، وبعدم مشروعية أية مسؤولية اجتماعية بحجة أن الإمام الغائب وحده يمكن أن يقود، ووحده يستحق الطاعة. نحن مسؤولون أمام الإمام وحده، لكنه غائب.. إذن فلا شئ يجدى!!

**

التشيع الصفوى هو تشيع الجهل والتعصّب.

التشيع الصفوى هو تشيع البدعة.

التشيع الصفوى هو تشيع التفرقة.


0 التعليقات:

إرسال تعليق