الجمعة، ٢٨ أغسطس ٢٠٠٩

إلهامات قرآنية .. القرآن دستورنا بقلم جمال البنا

قلنا إن رمضان شهر القرآن.
ذكـَّرنا هذا بأن فى هذه البلاد هيئة عريقة جعلت أول جملة فى شعاراتها «القرآن دستورنا»، وهذه الهيئة ذات الثمانين عاماً قد تداعت عليها القوى تداعى الآكلة على قصعتها وهى صابرة محتسبة.
وهذا التداعى لم يبدأ من اليوم ولكنه بدأ من سنة ١٩٥٢، وشهد أسوأ فصوله عام ١٩٥٤ وعام ١٩٦٤، وقد اشتدت الوطأة عليها أخيراً.
أريد أن أقول للإخوة: أليس فى هذا ما يدعوكم إلى إعادة التفكير والنظر، لعله يقودكم إلى أن خطأ قد حدث، أو أن ظروفاً وضرورات فرضت نفسها على الهيئة، وأدت إلى ما انتهت إليه.
الذى أعلمه يقيناً أن نقطة الإبداع التى جاء بها الإمام الشهيد حسن البنا، ونذر حياته كلها لتحقيقها هى أن يكون «الإسلام منهج حياة».
وقد أوضح فى أكثر من مناسبة أو وثيقة أن الخطة لهذا تبدأ ببناء الفرد الملتزم بالقرآن بحيث تحقق ما أراده القرآن منه أن يكون مواطناً صالحاً، وأن يعنى بصحته فلا يسمح للإفراط أو الانحراف أن يؤثر عليها، ويعنى بعقله فيعمله، ويقرأ ويتدبر، فإذا أصبح هذا الفرد زوجاً كان عليه أن يكون زوجاً صالحاً، وعليه أيضاً أن يتعاون مع زوجته لتكون زوجاً صالحاً، ثم أماً صالحة، ومن ثم تنشأ الأسرة المسلمة.
وتنفسح الدائرة من الأسرة إلى الحى، فليس الحى إلا مجموعة أسر، ومن الحى إلى المدينة، ومن المدينة إلى القطر حتى تغطى الدولة كلها.
كانت هذه هى الخطة التى أرادها الإمام الشهيد، والتى تتفق مع رسالة الإسلام التى هى الهداية، وأن الأنبياء رسل يبلغون الدعوة، ولكن بعض الملابسات والتطورات أوقفت أو انحرفت بالمسار السليم للإخوان.
رجوت من الإخوان فى كتابى «ما بعد الإخوان المسلمين»، وناشدت فى المقال الافتتاحى لكتاب «مسؤولية الدعوة الإسلامية»، «إخوانى الإخوان»، إعادة النظر، فلا يجوز ألا تستفيد البلاد من إمكانات وطاقات هذه الهيئة الكبيرة، ومن مصلحة الهيئة نفسها أن تنهى وضعها الشاذ الذى يشلها، بل ويضيعها.
إن وجود مثل هذه الهيئة الكبيرة دون عمل ودون وضع سليم معترف به أمر يضر ويسىء إلى جميع الأطراف، فهو يجعل الدولة تخصص إمكانيات ضخمة لمراقبة وتحييد هذه الهيئة، وتجميد نشاطها وهو يضعها موضعاً شاذاً غير معقول وغير مقبول.
ولو أنها قررت أن تعود إلى الخط الأساسى الدعوى والتربوى لخدمت الأمة أعظم خدمة، ولحققت الخط الإسلامى الأصيل، خط الدعوة والتربية وبناء الأفراد، ولحررت الدولة من أن تخصص إمكانياتها للترصد لها.. باختصار تستريح ويستريح الجميع.
لقد كان «الحكم» لعنة الدعوة الإسلامية منذ أن قال الخوارج «لا حكم إلا لله»، فقتلوا علىِّ بن أبى طالب، وأنهوا الخلافة ليقوم الملك العضوض، حتى جمال الأفغانى الذى خدعه الحكام (خديوى مصر وشاه إيران وخليفة آل عثمان) بالوعود المعسولة ثم نكثوا ونكلوا به، حتى السياسة التى ابتلى فيها محمد عبده، فخرج منها يقول: لعن الله السياسة، وكل ما جاء من ساس ويسوس.
كان أبو بكر ــ وهو من هو ــ يستعيذ من غمرات الدنيا ويسأل الله السلامة منها.
وهل السياسة إلا غمرات الدنيا ؟!
فلماذا يضع الإخوان المسلمون أنفسهم فيها، وقد أعفاهم الله، فليتركوها.
ولنقل فيها ما قال الرسول عن العصبية : «دعوها.. فإنها منتنة».

0 التعليقات:

إرسال تعليق